أيها السادة، البدر في المقدمة، لكنْ برق يتقدَّم، البدر يتراجع، ومايسترو الآن بالمقدمة، ووراءه برق.. والبدر في ذيله..!
أزاح شفيق باشا المغازي النظارة المكبرة من على عينيه وهبَّ واقفًا يتابع بحماسٍ شديدٍ حصانه «البدر» وهو يمر من أمام المقصورة، يمنعه وقاره من الهتاف ويفرض عليه منصبه الكبير مزيدًا من الجدية التي
لا تنقصه، تمتد أصابع ولده الصغير «بدر» - الذي سُمِّي الفرس تيمنًا باسمه - إلى النظارة المدلاة من يد أبيه ليجذبها عنوة ويضعها بسرعة على عينيه، التفت الباشا نحو الصبي الذي لم يُكمل عامه السابع بعد، ورمقه بنظرة غاضبة وهمَّ بنهره وتوبيخه كالمعتاد بسبب رغبته في الاستحواذ على ما لا يخصه حتى دونما استئذان، لكنَّ اقتراب الخيول من خط النهاية بالشوط الأخير من السباق جذب انتباهه أكثر وصرفه مؤقتًا عن طفله.
طرق الباشا المنضدة أمامه بقبضة يده في غيظٍ حتى تزلزلت فازة الزهور الصغيرة الموضوعة عليها وكادت تسقط مهشمة لولا أنه لحقها، بعدما أعلن المذيع الداخلي بنادي الجزيرة فوز الحصان «برق» بالسباق، يليه بنصف ياردة فقط حصان السفير الإنجليزي الملقب بـ «مايسترو»، ليأتي «البدر» في المركز الثالث شبه خاسر لن يجني سوى بضعة جنيهات من قيمة المراهنات كلها.